خاص / اليوم الإخباري
يعتبر الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات "أبو عمار" من شخصيات الصراع العربي الإسرائيلي المحورية والذي دائماً ما ارتبط اسمها بالقضية الفلسطينية طوال العقود الماضية حيث لا يزال عنصراً فاعلاً على الساحة السياسية ومحركاً رئيسياً لأحداثها.
كانت بدايات انتمائه تعود الى جيل القوميين العرب حيث ظهر في الخمسينيات ولعب أدوارا مهمة في الستينيات والسبعينيات وقد بدأ حياته في خنادق المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي ولكن لم يدُم هذه الفكرة طويلاً بعد أن آمن بفكرة المفاوضات والتوصل إلى الحق الفلسطيني عبر الحوار من خلال عملية السلام، والتي أسفرت فترة التسعينيات عن اتفاقية "أوسلو" وإنشاء سلطة فلسطينية في بعض مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة.
برز اسم الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات بقوة عام 1967 حينما قاد بعض العمليات الفدائية ضد الاحتلال عقب عدوان 1967 انطلاقاً من الأراضي الأردنية، وفي العام التالي اعترف به الرئيس المصري جمال عبد الناصر ممثلا للشعب الفلسطيني.
وفتحت الإدارة الأمريكية برئاسة رونالد ريغان حوارا مع منظمة التحرير الفلسطينية بعد أن أطلق ياسر عرفات مبادرته للسلام العادل والشامل في الشرق الأوسط، والتي كان قد أقرها المجلس الوطني الفلسطيني، والتي تعتمد إقامة دولة فلسطينية في الأراضي التي احتلت 1967 تعيش جنبا إلى جنب، مع دولة الاحتلال الاسرائيلي.
اتفاقية أو معاهدة أوسلو، والمعروفة رسمياً باسم "إعلان المبادئ حول ترتيبات الحكم الذاتي الانتقالي" هو اتفاق سلام وقعه الكيان الاسرائيلي مع منظمة التحرير الفلسطينية في مدينة واشنطن الأمريكية في 13 سبتمبر 1993، بحضور الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون، وسمي الاتفاق نسبة إلى مدينة أوسلو النرويجية التي تمت فيها المحادثات السرّية التي تمت في عام 1991 أفرزت هذا الاتفاق في ما عرف بمؤتمر مدريد، والتي ارتكت أهم نقاطها على أن تنبذ منظمة التحرير الفلسطينية أعمال المقاومة ضد الاحتلال الاسرائيلي وتحذف البنود التي تتعلق بها في ميثاقها كالعمل المسلح وتدمير إسرائيل، كذلك أن يتعرف الاحتلال بمنظمة التحرير الفلسطينية على أنها الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني، وتعترف منظمة التحرير الفلسطينية بدولة إسرائيل على 78% من أراضي فلسطين – أي كل فلسطين ما عدا الضفة الغربية وغزة.
هذه المعاهدة كانت اللبنة الأولى في جعل فصائل المقاومة الفلسطينية الموجودة في فلسطين وخارجها أن تشن حملة ضدها وضد أفكار الرئيس ياسر عرفات التي يتبناها بشأن السلام مع الاحتلال، على اعتبار أن الأراضي الفلسطينية المحتلة يجب أن ترجع للفلسطينيين بأكملها بالإضافة أن الطريقة الوحيدة لاسترداد كامل فلسطين هي المقاومة منطلقين من مبدأ "ما أُخذ بالقوّة لا يُسترد إلا بالقوّة".
انجازات عرفات
ولكن القائد ياسر عرفات سطّر العديد من الانجازات التي خدمت القضية الفلسطينية في وقتٍ كان الجميع يعرقل المفاوضات ويقف مع الجانب الاسرائيلي، حيث شارك عرفات بصفته رئيس اللجنة التنفيذية للمنظمة في مؤتمر القمة الرابع لحركة عدم الانحياز الذي عقد 1973 في الجزائر، حيث قرر المؤتمر الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلا وحيدا للشعب الفلسطيني، كما لاقت دعوته خلال المؤتمر الدول الافريقية إلى قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل استجابة واسعة.
وفي مؤتمر القمة العربية الخامس في الجزائر (26-28تشرين الأول /أكتوبر 1973) نجح عرفات في استصدار قرار ينص على أن منظمة التحرير هي الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني رغم امتناع الأردن حينها.
وفي فبراير 1974 حظي عرفات والوفد الفلسطيني المرافق له باستقبال الأبطال في لاهور بباكستان حيث شارك في مؤتمر القمة الإسلامي، والذي أعلن أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وفي ذات السنة أكدت القمة العربية السادسة في الرباط في 28 أكتوبر اعترافها بمنظمة التحرير ممثلا وحيدا للشعب الفلسطيني، وأضافت كلمة الشرعي لتصبح الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني في جميع أماكن وجوده.
وتوّج عرفات النجاحات السياسية للثورة الفلسطينية يوم 13 نوفمبر 1974 حين ألقى خطابه التاريخي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة وقال عبارته الشهيرة في ختام الخطاب "جئت حاملاً غصن الزيتون في يد ، وفي الاخرى بندقية الثائر ، فلا تسقطوا غصن الزيتون من يدي ، الحرب بدأت من فلسطين، ومن فلسطين سيولد السلام".
تعارُض فكري
وتعارض حركة "حماس" سياسة وفكرة الرئيس ياسر عرفات الأمر الذي دفعها للتمنّع بالانضمام والبقاء تحت مظلّة منظمة التحرير الفلسطينية على اعتبار أنها منظمة غير شرعية وغير مسؤولة عن الكل الفلسطيني/ متبنّية فكرتها بأن لا خيار لدحر الاحتلال وتحرير فلسطين إلا بالسلاح والقوّة والمقاومة.
هذا الفكر متناقض مع الرئيس عرفات ومع أيديولوجية منظمة التحرير جعله يستعبد انضمام حركات المقاومة للمنظمة، ولكن حين اندلعت انتفاضة الأقصى في سبتمبر 2001 على إثر زيارة شارون للمسجد الأقصى وحالة اليأس والإحباط التي عمّت الشارع الفلسطيني من المفاوضات التي لم تحقق له حلم الدولة الفلسطينية واستعادة الأراضي المحتلة وعودة اللاجئين، بدا عرفات في أوائل عام 2002 داعماً للانتفاضة رغم تصريحاته المتكررة بإدانة العمليات التي تستهدف المدنيين من كلا الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
وحتى يومنا هذا وبعد تولي محمود عباس رئاسة الدولة الفلسطينية لازالت حركات المقاومة لا تندرج ضمن منظمة التحرير الفلسطينية التي تدعم السلام وتنبذ المقاومة، في المقابل تحاول حركة حماس التي تحكم غزة إثبات نفسها على أنها الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني على إثر انتخابات عام 2006 وتحاول بناء علاقات دولية والانضمام لتحالف ايران وحزب الله وفصائل المقاومة اليمنية والعراقية ومؤخراً ما فعلته من إعادة العلاقات مع سوريا لتشكيل تحالف قوي ضد الاحتلال ومعاونيه.
وتوفي رئيس الرئيس الفلسطيني السابق ياسر عرفات عام 2004، وسط غموض حول أسباب وفاته، أمضى نحو 50 عاماً من حياته في النضال من أجل القضية الفلسطينية، وخاض معارك سياسية وعسكرية أحدثت تحولات مهمة في القضية، ورغم ذلك يبقى الرئيس الراحل ياسر عرفات أيقونة فلسطينية وقامة وطنية أسست لمرحلة تعمها السلام والأمن دون الانجرار لحروب وتصعيدات، رغم وجود تيارات وفصائل مخالفة له، حيث قاوم الاحتلال بالمنطق والعقل ولازالت حركة فتح وغيرها من حركات منظمة التحرير تسير على خطاه حتى تحرير كامل فلسطين.