خاص/اليوم الإخباري
في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها سكان قطاع غزة المحاصر، يحاول كل شاب سواء كان بمفرده أو يُعيل أفراد، إيجاد فرصة عمل من أجل تكوين أنفسهم وتلبية احتياجاتهم الأساسية اللازمة من مأكل وملبس وغيرها من الأساسيات التي يجب توافرها لكل انسان، لكن عند محاولته كثيراً ما يصطدم بالواقع وظروفه الخاصة التي تقف عائقاً أمام انجازه لفكرته ومشروعه.
المشاكل والأزمات التي يمر بها القطاع المتعلقة في الاغلاقات المتكررة للمعابر، وأزمة الكهرباء القديمة، تعطي مساحة كبيرة لانتشار الفقر والبطالة وتعطل الكثير من المنشآت والأيدي العاملة عن العمل نتيجة اعتمادهم بشكل أساسي عن الكهرباء في عملهم وعلى ادخال البضائع عبر المعابر الحدودية لغزة، الأمر الذي يهيّئ البيئة المناسبة لانتشار البطالة وارتفاع معدلات الفقر وقلة فرص العمل بل وندرتها.
العمليات العسكرية التي شنّها الاحتلال الاسرائيلي على غزة، والحصار المفروض منذ 16 عاماً على القطاع ليجعله كعلبةٍ صغيرة، والانقسام الفلسطيني الحاصل بين اكبر فصائل الفلسطينية الذي لهذا الوقت لم يجدوا حلّاً لهم، كلها عوامل أدّت الى تدمير غزة، وجعلتها غارق في وحل الاقتصاد السيء والديون الكبيرة والبطالة والفقر.
كل من لديه فكرة لمشروع صغير أو ما يُسمى بالعامية " البسطة" وهي العربة الصغيرة التي تكون اما ثابتة واو متنقلة، يلجاً للواجهة البحرية التي تعتبر المتنفس الوحيد لأهالي قطاع غزة، أو في الأسواق والأماكن التي تحتوي جموع كبيرة من الناس من أجل تحقيق غايته في البيع من أجل كسب الربح المتواضع من أجل إعالة أفراد عائلته.
لكن تلك الأماكن العامة لم تعُد ملكاً لعموم الناس من أجل الاستفادة منها في حياتهم وعملهم، بل أصبحت بلديات غزة تفرض مبالغ مالية على كل من يرغب في حجز مكان على الشاطئ، على اعتبار انه مشروع تجاري وكأن الربح من العائد المادي له سيجعله مليونيراً! في حين أن هذه "البسطة" لا تحقق الربح الوافر وانما من أجل التسلية والاستعاضة عن البطالة والجلوس في البيت دون عمل.
لا تتوقف بلديات غزة عن متابعة وملاحقة كل من له مشروع بسيط على الشاطئ أو في الاماكن العامة، حيث تفرض المبالغ المالية ضمن سياسة الجباية التي تتبعها مع المواطنين، وتحاول تحديد أماكن لهم وملاحقة كل من يخالف الأوامر التي تفرضها عليهم، ما يثير استياء المواطنين ويشعل غضبهم تجاه هذه السياسات المتبعة.
الأصل في هذه الأوقات العصيبة التي يمر بها سكان قطاع غزة أن تقف البلديات الى جانب المواطن الذي يسعى في طلب الرزق وتذليل العقبات أمامه والوقوف بجانبه ودعمه من أجل تقليل نسب البطالة والحفاظ عليه كإنسان قبل أن يكون فلسطيني صابر على ويلات الاحتلال الاسرائيلي، ويجب على الحكومة دعم كل من يُدلي بفكرة جديدة تساعد في تحسين الظروف المعيشية وتوجد فرصة عمل لصحابها أفضل من ابقائه ضمن عداد البطالة المتنامي بسبب الظروف الصعبة التي بمر بها القطاع.
يجب أن تعي الحكومة أن أصحاب تلك البسطات هم أناس لجأوا لتلك الأفكار تجنباً الوقوع في المحظورات في الحصول على قوت يومهم، لو أمعنت النظر ستجد أن معظم أصحاب تلك البسطات هم من الخريجين يحملون شهادات علمية لم تتح لهم الفرصة للعمل في مجال دراستهم بسبب سوء الوضع المعيشي في غزة وندرة تلك الفرص، لذا يجب على الحكومة أن تنظر لهم بعين الرأفة دون اجبارهم على اقتناع المحلات بسبب أوضاعهم التي لا تسمح لهم بل ويجب عليها تقديم ما بوسعها لإنجاح تلك المشاريع.