كشفت وزارة الأشغال العامة والإسكان في قطاع غزة اليوم الأربعاء، عن عدد وقيمة عجز الوحدات السكنية في القطاع.
وقال وكيل وزارة الأشغال العامة والإسكان الفلسطينية في قطاع غزة ناجي سرحان، إن "غزة تعاني من عجز في الوحدات السكنية بنحو 120 ألف وحدة تبلغ قيمة إنشائها نحو نصف مليار دولار".
وأشار إلى الواقع الإسكاني في القطاع الذي وصفه تقرير صدر عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني (حكومي) في مايو/ أيار الماضي بـ "أكثر بقاع العالم اكتظاظا بالسكان".
وأوضح سرحان أن القطاع المحاصر إسرائيليا للعام الـ16 على التوالي والذي تبلغ مساحته 365 كيلومترا مربعا ويعيش فيه نحو مليونين و300 ألف نسمة، يعاني من أزمة كبيرة في الإسكان.
وأفاد بأن القطاع يحتاج سنوياً إلى نحو 14 ألف وحدة سكنية جديدة لمعادلة النمو السكاني، لكن ما يتم توفيره سنويا لا يتعدى ثلث حجم الاحتياج المطلوب.
وقال إن "الحروب التي شنتها إسرائيل على غزة منذ عام 2007 دمّرت حوالي 18 ألف وحدة سكنية كليا و250 ألف وحدة جزئيا".
وشنّت إسرائيل منذ عام 2007، 4 حروب على غزة تخللتها اعتداءات عسكرية تسببت في تدمير آلاف المنازل والبنى التحتية وأوقعت مئات الضحايا.
ويوجد حاليا في غزة، نحو 400 ألف وحدة سكنية بحسب سرحان الذي قال إنه "عدد قليل ولا يلبّي حاجة السكان".
ونوه إلى أن قلة الوحدات السكنية يعود لتردي الظروف الاقتصادية إذ يقتصر توفيرها في معظم الأحيان على القطاع الخاص.
وأضاف ان "القطاع الخاص هو الجهة الأساسية التي تبني الوحدات السكنية وبطبيعة الحال تكون بحاجة لمشترين يملكون على الأقل دفعة أولى تُقدّر عادة بحوالي 50 بالمئة من قيمة السعر الأساسي للوحدة، وهذا الأمر لا يتوفر لدى السكان بسبب تراجع قدرتهم الشرائية وسط ارتفاع نسب الفقر والبطالة".
وتعاني غزة جراء حصار إسرائيلي مشدد منذ 2007، أوضاعا اقتصادية ومعيشية متردية للغاية، مع نسبة بطالة بلغت 47 بالمئة، وفق تقرير الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.
وقال وكيل وزارة الأشغال العامة والإسكان الفلسطينية في قطاع غزة: "الحياة في غزة عادت للنمط القديم بحيث تسكن العائلات المُمتدة في وحدة سكنية واحدة بعدد كبير من الأفراد".
وأفاد تقرير صادر عن مجلس العلاقات الدولية، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، بأن 20 بالمئة من العائلات الغزية تعيش في وحدات سكنية مكتظة (أكثر من 3 أشخاص في الغرفة).
وتابع سرحان أنه "لم تبق في غزة أراضٍ خالية إلا ما يتم استغلالها لأغراض الزراعة، وبالأصل يعاني القطاع من مشكلة توفير الغذاء للمواطن نتيجة شح الأراضي الزراعية التي تم تحويل غالبيتها إلى أراض سكنية".
وأكد أن هذه المشكلة "تحتاج لتوازن دقيق"، لكن من الصعب تحقيقه لعدم وجود حلول لحالة الاكتظاظ السكاني والحاجة لبناء المزيد من الوحدات السكنية.
وأشار إلى أن الوضع الصعب الذي تعيشه غزة يتطلب وجود حلول حقيقية تتماشي مع الواقع المستقبلي، محذرا من تحول القطاع المكتظ إلى منطقة غير قابلة للحياة خلال السنوات المُقبلة في حال استمرت الأوضاع الحالية.
ويأخد التوسع العمراني في غزة طابعا رأسيا عبر عمارات متعددة الطوابق لصعوبة التوسّع الأفقي؛ جراء ندرة توفّر الأراضي فضلا عن غلاء المتاح منها.
ويترتب على هذا النوع من التوسّع، مشكلات بسبب قلة الإمكانات في غزة، مثل أزمة الطاقة الكهربائية التي يعانيها القطاع، بينما تشكل الكهرباء أساسا لعمل المصاعد في العمارات المرتفعة.
وقال سرحان إن "ذلك النوع من التوسع، بدأت غزة التوجه إليه مع تأسيس السلطة الوطنية الفلسطينية عام 1994، لاستيعاب الأعداد الكبيرة من الفلسطينيين من دول الشتات".
وتابع: "في ذلك الوقت بدأت فكرة التوسع الرأسي على استحياء لاستيعاب القادمين الجدد لعدم توفر قطع كثيرة من الأراضي، في حين أن ثقافة الناس كانت تحارب آنذاك فكرة السكن في عمارات مشتركة متعددة الملاك".
وأصبح العيش في هذه العمارات اليوم عادة لدى سكان غزة، بحيث يتم تنظيم العلاقات بين الجيران والخدمات الخاصة بكل عمارة بالتوافق، وفق قوله.
وحذر وكيل وزارة الأشغال العامة والإسكان، من انفجار باتجاه إسرائيل بسبب ظروف الحياة غير المناسبة، دعا سرحان إلى إيجاد حلول للمشاكل الإسكانية في غزة.
وأضاف أن "عملية الضغط على المواطن وعدم توفير متطلباته الأساسية من مسكن وعمل ووسائل الراحة سيدفعه للثورة ضد المحتل".
ولن يتبقى في غزة متسع لبناء المزيد من الوحدات السكينة بحلول عام 2030، حيث ستبدأ الأزمة بالتفاقم بشكل كبير في حال لم يتم إيجاد حلول، بحسب قوله.
وقال سرحان إنه "بحد أقصى تستوعب غزة بين 4 و5 ملايين نسمة، و"في حال تم إعمار كافة الأراضي لتلبية الخدمات الإسكانية للمواطنين فإن ذلك يعني نشوء مشاكل زراعية وبيئية واجتماعية".
وتابع أن "الناس تحتاج لوجود مناطق ترفيهية ومساحات خضراء وملاعب للترويح عن النفس، لكن في تلك الحالة من الصعب توفير هذه الخدمات"، وفق سرحان.
وأضاف سرحان أن "حلول أزمة الإسكان في غزة قد تكون سياسية بإقامة دولة فلسطينية مستقلة وانتقال عدد من سكان القطاع إلى الضفة الغربية التي تضم أراض واسعة يلتهمها الاستيطان أو من خلال التوسّع باتجاه الأراضي المحتلة".
وأوضح أن ترميم غزة يحتاج على الأقل حوالي 5 مليارات دولار لتوفير الاحتياجات والمتطلبات الأساسية للسكان دون الخدمات الترفيهية.
وأشار إلى أن تكلفة تغطية ما دمّرته إسرائيل من وحدات سكنية منذ عام 2007 تبلغ حوالي 200 مليون دولار.
وبخصوص وجود حل للأزمة، قال سرحان إأن "زيادة التعداد السكاني يجب أن يترافق معه، بجانب الوحدات السكنية، زيادة في الخدمات الحيوية والمدارس والبنى التحتية وغيرها من المرافق الأساسية".
وأكد أن عملية إصلاح وترميم غزة لتلبية الاحتياجات الأساسية للقطاع لا يمكن أن تتم إلا بمساعدة حقيقية من المجتمع الدولي وبعض دول مجلس التعاون الخليجي، وعلى رأسها "السعودية والإمارات وقطر والكويت".
وختم وكيل وزارة الأشغال العامة والإسكان الفلسطينية في قطاع غزة ناجي سرحان، حديثه بدعوة تلك الدول إلى "توفير إسهامات حقيقية لترميم القطاع نتيجة 16 عاما من الحصار وحروب مدمّرة وتصعيدات عسكرية".