هل أصحبت جامعات غزة للتجارة دون الهدف الأسمى في نشر التعليم؟

هل أصحبت جامعات غزة للتجارة دون الهدف الأسمى في نشر التعليم؟

2023/02/11 الساعة 03:41 م
هل أصحبت جامعات غزة للتجارة دون الهدف الأسمى في نشر التعليم؟

خاص/ اليوم الاخباري

حين يتجاوز الطالب الفلسطيني مرحلة الثانوية العامة بنجاحه في امتحان "انجاز" يبدأ في الانتقال لمرحلةٍ جديدة وهي المرحلة الجامعية التي من خلال يتّجه الى تخصص يحبه من أجل الابداع فيه والعمل على ايجاد مستقبل يراه أمام عينه، من أجل تحقيق ذاته كمواطن متعلّم ومثقّف، ومساعدة ذاته في تكوين حياته المستقبلية والتأسيس لها بالشكل الصحيح.

لا يوجد باباً آخر للطالب الفلسطيني الذي يعيش في قطاع غزة سوى اكمال تعليمه من أجل الاستثمار في عقله وعلمه لبناء حياة كريمة تليق به، حيث لا يوجد خيارات أخرى سوى ذلك، سيما في ظل عدم توفر فرص العمل الكافية لكل شاب يرغب في تكوين نفسه ومستقبله، اضافة إلى أن بلادنا ليست مفتوحة على الدول الأخرى بل وتخضع لحصارٍ طويل أنهك الوطن والمواطن وأغلق الأفق أمام أعين الناس في غزة.

وبمجرد التسجيل في إحدى جامعات قطاع غزة لابد للطالب من توفير مبلغ الرسوم الجامعية الخاصة بالفصل الدراسي الأول، لكن الطلاب في غزة وأهاليهم يعانون من ارتفاع تلك الرسوم مقارنة بالدخل الذي يتحصّلون عليه، حيث يصعب على عدد كبير من الطلبة الجامعيين توفير المبالغ بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها اهاليهم.

في ظل هذه الظروف الصعبة التي يعانيها الطلبة وذويهم لا يوجد تهاون من بعض الجامعات في امكانية فتح التسجيل للفصل دون دفع أي مبلغ، حيث يطلب الطالب ذو الوضع المادي الصعب من الجامعة بأن يسجّل المواد الخاصة بالفصل الدراسي لكن الجامعة ترفض ذلك إلا بسداد الحد الأدنى من رسوم الفصل لفتح صفحة التسجيل بشرط أن يتم سداد كامل المبلغ قبل الامتحانات النصفية والنهائية ليتمكن الطالب من الدخول الى مقاعد الامتحان، علماً أن الحد الأدنى من الرسوم هي مبالغ كبيرة لا يستطيع توفيرها الطالب دفعة واحدة.

الكثير من الطلاب يضطروا إلى تأجل الفصل الدراسي الجامعي، نتيجة عدم قدرتهم على دفع الرسوم الدراسية الفصلية لتخصصاتهم، ورفض الجامعة تسجيل المواد الدراسية لحين دفع المبلغ المالي، هذه الحالة تجدها بشكل كبير مع كل بداية فصل دراسي جديد الأمر الذي يُشعِر الطالب بالإحباط الذي قد يودِي به الى عدم اكمال دراسته.

وبحسب احصائيات عام 2022 تصل نسبة العزوف عن التسجيل في الجامعات حوالي 25%، وتقريباً حوالي  43% لا يستطيعون الاستمرار في العملية التعليمية نتيجة عدم القدرة على دفع الرسوم الدراسية.

ففي ظل هذه الأوضاع التي يمر بها الغزيون من أزماتٍ وحروب لابد من الجامعات الفلسطينية تقديم التسهيلات للطلاب في ظل معرفتهم أنه لا خيار للطالب سوى التعليم للحصول على مستقبل مشرق، فالجامعات الفلسطينية وطنية في الأساس وتقع عليها مسؤولية وطنية، تتمثل في مراعات الظروف المعيشية للطلبة، وتوفير سياسة تخفيض مريحة يستطيعون التزامها، وخفض تكلفة الساعات الدراسية في بعض التخصصات التي تشكل عبئاً على كاهل الطالب وأسرته. 

لكن الجامعات في قطاع غزة تُرجِع رفضها السماح للطلبة بتسجيل المواد الدراسية ومنع دخولهم تقدمهم للامتحانات بمعاناتها من أزمات مالية خانقة، وتراكم مبالغ طائلة عليها، الأمر الذي يدفعها بالضغط على الطالب لسداد الرسوم، علماً ان الطالب لن ينسى هذا الدين انما يريد أن يلتحق في الفصل الدراسي وخلال دراسته يؤمّن المبلغ المطلوب.

ويلتحق في جامعات في قطاع غزة أكثر ما يقارب الـ 20 ألف طالب وطالبة سنوياً، ويصل عدد الطلبة على مقاعد الدراسة خلال العام 2022 قرابة 88 ألفاً مقابل متوسط 120 ألفاً في السنوات الماضية، كما ويصل عدد مؤسسات التعليم العالي في قطاع غزة 28 مؤسسة، موزعة على 8 جامعات و20 كلية متوسطة، ويقدر عدد الخريجين سنوياً 25 ألفاً وفقاً لبيانات وزارة التربية والتعليم العالي. 

ونأسف لتحوّل الجامعات يوماً بعد يوم من مؤسسات وطنية إلى شركات ربحية، هدفها الأساسي والرئيس الاستفادة من الرسوم الدراسية، لذا يجب على جميع الأطراف تحمل مسؤولياتهم تجاه توفير عملية تعليمية لائقة على اعتبار أن الجامعات المصدر الرئيس للقامات الوطنية والمجتمعية والمبدعين في المجتمع الفلسطيني في ظل خضوع شعبنا للاحتلال الإسرائيلي.