كرمت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في قطاع غزة، صباح اليوم الخميس على شرف الذكرى السنوية التاسعة والأربعين لاستشهاد عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية الأديب ورائد الإعلام المقاوم غسان كنفاني ،، المؤسسات الإعلامية والفضائيات والإذاعات وثُلّة من الإعلاميين والصحافيين المشاركين والفاعلين في التغطية الإعلامية للعدوان الصهيوني الأخير على القطاع.
وحضر الحفل التكريمي قيادات وكوادر وأعضاء الجبهة وممثلي القوى الوطنية والإسلامية والمؤسسات الإعلامية والصحافية والفضائية.
وبدأ الحفل بالسلام الوطني الفلسطيني والوقوف دقيقة صمت إجلالاً وإكباراً لأرواح الشهداء وخصوصاً شهداء الحقيقة.

وقال عضو اللجنة المركزية للجبهة ومسؤول مكتبها الإعلامي في غزة الرفيق أحمد خريس كلمة رحب فيها بالحضور، لافتاً أن الجبهة استغلت ذكرى استشهاد الأديب الشهيد غسان كنفاني لتكريم المؤسسات الإعلامية " الفضائيات ، الإذاعات" لما قدمته من جهد وعطاء ودم في تغطيتها وخدمتها للقضية الفلسطينية وما جسدته من ثورة إعلامية مميزة في معركة سيف القدس ، مثمناً جهود كل إعلامي وصحفي ساهم في نشر الحقيقة وفضح جرائم الاحتلال ورفع معنويات وصمود أبناء شعبنا الفلسطيني الأبي.
وأشار خريس مناقب الشهيد غسان كنفاني، واصفاً إياه بفارس الكلمة والحقيقة، والذي عمل صحفياً في عدد من المجلات والصحف العربية منها ( المحرر، الأنوار، الحرية، الطليعة، القبس) ومؤسساً ورئيساً لتحرير مجلة الهدف، و من جسد قولاً وفعلاً رسالة الصحفي والكاتب والأديب الفلسطيني بمقولته الشهيرة " بالدم نكتب لفلسطين".

وتابع خريس قائلاً: " كان واجباً علينا أن نُكَرّم مؤسسات الإعلام التي حملت هذا الشعار وجسدته على أرض الميدان بتغطية مميزة، اختلطت فيها دموع وآلام الصحفيين وهم ينقلون جراح شعبنا وهمجية واجرام العدو الصهيوني الفاشي بدمائهم الطاهرة بسقوطهم جرحى وشهداء"، موجهاً التحية للشهيد الصحفي يوسف أبو حسين الذي استشهد بقصف غادر في معركة سيف القدس .
وأضاف خريس في رثائه للشهيد كنفاني أنه رغم سنوات عمره القصيرة إلا أنه ملاً الدنيا ضجيجاً بكتاباته ورواياته تحريضاً للمقاومين وتبشيراً باندلاع ثورة شعبنا بالداخل، ليدرك هذا الكيان المجرم خطورة غسان وأمثاله من فرسان الحقيقة وأصحاب أدب المقاومة، ليقرر اغتياله عبر وضع عبوة ناسفة أسفل سيارته في الثامن من تموز عام 1972 ليستشهد مع ابنة اخته لميس نجم، لتقول المجرمة رئيسة وزراء دولة الكيان آنذاك غولدا مائير تعقيباً على استشهاده ( اليوم تخلصنا من لواء فكري مسلح، فغسان بقلمه كان يشكل خطراً على دولة الإرهاب والاحتلال).
وأكد خريس، أنهم صحيح اغتالوا غسان جسداً، لكنهم لم يستطيعوا اغتيال فكر المقاومة الذي بَشّر به غسان وبات ثقافة وفعل يؤرق العدو.

وأشار خريس في كلمته تحية فخر للإعلاميين والصحافيين، فرسان الحقيقة وصوت الثورة ورسالة المقاومة، معتبراً أن مهمتهم من أنبل المهمات وأقساها فهي تُمَثّل نقل الصورة الحقيقية بدون رتوش، وهي مهنة البحث عن المتاعب، والصحفي الفلسطيني تحديداً المتواجد باستمرار على خط النار ملتحماً مع المقاومة الباسلة في دوره المقدس، بكامرته وصوته وقلمه ينقل عذابات شعب هجر من أرضه وتأمرت عليه كل أصقاع الأرض لتنزع منه هويته وبندقيته، داعياً لتوفير كل أشكال الحماية لهم.
وفي الموضوع السياسي، أوضح خريس أن معركة سيف القدس التي جاءت دفاعاً عن القدس جسدت وحدة شعبنا بكل مكوناته في جميع الساحات، وانتصر فيها شعبنا بصموده وثباته، مشدداً أن ما لم يستطع هذا الاحتلال أن ينتزعه في غمار المعركة لن يأخذه بالسياسة، ولدى شعبنا ومقاومته الكثير ومعركتنا مستمرة مع هذا العدو حتى العودة والتحرير.

وحول جريمة اغتيال الشهيد نزار بنات، شدد خريس أنها مدانة بكل الأشكال، واعطت صورة مكثفة للممارسات القمعية التي تمارسها الأجهزة الأمنية للسلطة من فساد وسياسة تكميم أفواه وسحل وخطف وملاحقة واعتقال ومصادرة هواتف الصحافيين في محاولة لإخماد صوت الشعب، وقد واجهها شعبنا بموقف قوي وموحد، ورافض للقبضة الأمنية للسلطة ولانتهاكات السلطة على حرية الرأي والتعبير والحق في التظاهر.
وطالب خريس لضرورة ضرورة تشكيل لجنة تحقيق مستقلة بعيداً عن السلطة، لمحاسبة كل من أعطى الأوامر ونفذ هذه الجريمة البشعة، وبما يضمن الحريات وحق التظاهر السلمي وإطلاق سراح المعتقلين على خلفية الرأي أو على أساس سياسي، وفي سياق استخلاص العبر من دروس هذه الجريمة البشعة يجري معالجة وطنية سياسية شاملة للنظام السياسي الفلسطيني.
وفي الختام أبرق خريس بالتحية لرموز الحركة الوطنية الأسيرة وفي المقدمة منهم الرفيق القائد
أحمد سعدات، معاهداً إياهم بأن تبقى القضية أمانة في أعناقنا ولن يهدأ لنا بال ولن تقر لنا عين،، حتى تستنشقوا معنا نسيم وطننا العليل ، ونعلن معاً ميلاد فجر جديد.
وأوضح الصحافي عبد الناصر أبو عون في كلمة ألقاها باسم الصحافيين الفلسطينيين خلال الحفل أن غسان كنفاني شَكلّ بأدبه ونشاطه الإعلامي اللافت مرتكزاً أساسياً من المرتكزات التي بُنيت عليها الرواية الفلسطينية في وجه سياسات التزييف وكي الوعي التي يمارسها الاعلام الصهيوني والغربي المتحالف معه.

وأضاف أبو عون في معرض كلمته التي افتتحها بتوجيه الشكر للجبهة الشعبية على لفتتها بتكريم الصحافيين إلى أن حالة الوعي والنهوض والاقتدار التي واجه بها الاعلاميين الفلسطينيين زيف الرواية الصهيونية يُمَثّل امتداداً لإرث غسان الذي وضع لبناته الأولى وخط معالمه بدمائه، لافتاً إلى أن الصحافيات والصحافيين الفلسطينيين ورغم المعيقات والاستهداف المتواصل من قبل الاحتلال لازالوا وسيظلون سائرين على درب الحقيقة التي استطاعوا حَملَها للعالم خلال العدوان الأخير فأظهروا مظلومية شعبنا وبطولته في الوقت الذي منع فيه الاعلام الدولي من الوصول للقطاع.
واستهل أبو عون كلمته بالتأكيد على أن أبرز ما سُجل لغسان الإعلامي هو أنه وبنشاطه الدؤوب جعل فلسطين أقرب وأوضح بالنسبة للعالم وأنه قضى مقاتلاً من أجل إيصال صورة وصوت شعبنا للعالم.

ووزعت لجنة مكونة من الرفاق (د. مريم أبو دقة، جميل مزهر، كايد الغول، أبو رامي السلطان) في ختام الاحتفال دروعاً تكريمية للمؤسسات الإعلامية ولثلة من الإعلاميين والإعلاميات تقديراً لدورهم في تغطية الأحداث، ونقل صورة ما يجري للعالم أجمع.