خاص اليوم الإخباري
في غضون الحرب الأخيرة على قطاع غزة في مايو/ أيار العام الماضي، كان لجمهورية مصر العربية دوراً كبيراً في التوصل لتهدئة ثنائية الأطراف مع الاحتلال الإسرائيلي والفصائل الفلسطينية بغزة.
وما بعد الاتفاق على وقف إطلاق النار بين الطرفين، تولت مهمة الإشراف على إعادة إعمار القطاع من خلال تقديم التمويل اللازم أو إرسال شركات مصرية للعمل والمساعدة في إصلاح ما دمرته آلة البطش الاحتلالية.
جهود مصرية
وعلى مدار الأسابيع الماضية، واصلت السلطات المصرية إدخال مواد البناء الخاصة بمشاريعها في غزة، تزامناً مع الإعلان عن بناء محطّة توليد كهربائية في مدينة العريش المصرية القريبة من القطاع، وعن تسهيلات في حركة السفر عبر معبر رفح البري.
وبحسب مصادر في حماس، تحدّثت بأن المصريين أكدوا للحركة استمرار العمل على إنفاذ التسهيلات الاقتصادية لمصلحة غزة، بما في ذلك بناء مدينة صناعية قرب حدود القطاع، ومحطّة التوليد التي ستغذّيه بكمّية كهرباء مضاعَفة عن ما كان يتلقّاه من مصر قبل عام 2015، الأمر الذي يُفترض أن يؤدّي إلى تحسّن ملحوظ في وضع الكهرباء فيه.
ومنذ بداية الشهر الجاري، تصل بشكل يومي شاحنات مصرية إلى شمال غزة، مُحمّلة بمواد بناء لمصلحة المشاريع المصرية، يُرجَّح أن تزداد كمّيتها خلال الفترة المقبلة.
وكانت وزارة الكهرباء والطاقة المتجدّدة المصرية أعلنت بدء تنفيذ مشروع نقل وحدتَي توليد كهرباء إلى محطّة كهرباء العريش في الأول من شباط المقبل، للقضاء نهائيّاً على انقطاعات التيار في شمال سيناء، وتوفير القدرات الكهربية لمشروعات التنمية الجاري تنفيذها في المحافظة حالياً، الأمر الذي سيؤدّي بالتالي إلى إعادة تشغيل خطّ الكهرباء الواصل إلى غزة، وزيادة قدرته من 23 ميغا إلى الضِّعف، وفق وعود مصرية سابقة.
إرساء عطاءات
هذا وتشهد مشاريع الإعمار التي وعدت مصر بتنفيذها في قطاع غزة، نشاطا ملموسا، بعد وصول وفدين أمني وآخر هندسي أرسلتهم القاهرة إلى غزة، حيث من المتوقع أن تتم عملية إرساء العطاءات على الشركات المنفذة لبناء ثلاث مدن مصرية خلال الأيام القليلة الماضية.
وحاليا يواصل الوسيط المصري، اتصالاته مع غزة وتل أبيب، ضمن المساعي الرامية لاستمرار حالة الهدوء، والمحافظة عليها وتطويرها، من أجل عدم الدفع قدما بمشاريع إعادة إعمار غزة.
وتفيد المعلومات المتوفرة، أن الوفد الأمني المصري الذي زار غزة الأسبوع الماضي، بالتزامن مع وصول وفد آخر هندسي، استعرض بشكل مفصل الوضع القائم حاليا على الأرض، واستمع لوجهة نظر الفصائل الفلسطينية في غزة، وخاصة حركة حماس.
وقدم الوفد تطمينات تشير إلى اقتراب التنفيذ الفعلي لعمليات إعادة الإعمار، خاصة تلك التي ستقوم مصر بتنفيذها ضمن المنحة التي وعدت بتقديمها خلال الحرب الأخيرة على غزة في مايو الماضي، مؤكداً هذه المرة أن زيارة الوفد الهندسي، ستكون من أجل حسم العديد من الأمور الفنية بشكل نهائي، من أجل البدء القريب لعمليات بناء المدن السكنية المصرية الثلاث، التي ستقام شمال ووسط قطاع غزة، وتضم أكثر من 3500 وحدة سكنية.
تعديل كامب ديفيد
من جهتها، أشارت مصادر عربية، إلى "تكثيف" الاتصالات بين المسؤولين في جهاز المخابرات العامة المصري، ونظرائهم الإسرائيليين، للتوصل إلى تفاهمات بشأن إدخال تعديلات على بعض البنود المرتبطة باتفاقية كامب ديفيد، قبل اجتماع اللجنة العسكرية المشتركة بين البلدين.
وأوضحت أنه إلى جانب التحركات المصرية في ملف إعادة إعمار غزة، والذي تشرف عليه إحدى الشركات المصرية التابعة لجهاز المخابرات العامة المصرية، ناقش الطرفان الخطط المصرية المتعلقة بإقامة منطقة صناعية في شمال سيناء، بالقرب من الحدود مع قطاع غزة.
وكانت مصر وإسرائيل قد أعلنتا في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، تعديل بعض البنود في اتفاقية كامب ديفيد، الموقعة بين البلدين في 1979، ما يعزز الأمن لدى الجانبين، طبقًا للمستجدات والمتغيرات.
دعوات مصرية
وفي وقت سابق، دعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الدول المانحة إلى "المساهمة في إعادة إعمار قطاع غزة، والتي تتطلب أكثر من 500 مليون دولار" ، في إشارة إلى المبلغ الذي تعهدت به مصر لإعادة تأهيل القطاع، في أعقاب عملية "حارس الجدار" التي شنها الجيش الإسرائيلي ضد حماس.
وأضاف السيسي "آمل أن تنتهي عملية إعادة الإعمار في أقرب وقت ممكن من أجل إخواننا في قطاع غزة" ، معربا عن أمله في أن يشارك "سكان القطاع أنفسهم في جهود إعادة الإعمار، وليس العمال الأجانب".
كما دعا عبد الفتاح السيسي الدول المانحة إلى تقديم مساعدات مالية لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" حتى تتمكن من الوفاء بالتزاماتها تجاه قطاع غزة، قائلا: "دورنا في جهود إعادة الإعمار سيستمر ونحث المانحين على عدم التخلي عن أونروا".